روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | الصديقة الأم...والأم الصورة!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > الصديقة الأم...والأم الصورة!


  الصديقة الأم...والأم الصورة!
     عدد مرات المشاهدة: 2402        عدد مرات الإرسال: 0

إحتياج النفس البشرية أمرٌ فُطرَ عليه البشر ولولا إلحاح الحاجات في نفوسنا للبِثَ الإنسان في مكانهِ ملتصقا مدى الدهر، غير باحثٍ عما يغير به نَفسَهُ من خلال حاجاته، غير أنه من المؤلم أن توجد الحاجة ويوجد العلاج.. فلا يشفي!! ذلك أن الجُرح قد يُرى وهو يَثعُبُ الدم، نغطيه ظانين أنهُ توقف وهو لأعيننا كذلك وفي الحقيقةِ نازف.

وأشبه ما يكون الجرح بالفتاة التي تلقي والدتها عليها بكلمتين -زاجرتين- تظن أنها بهذا أنهت المشكلة وهي لا تزال تعيشها.

تتألمُ الفتاة ذلك لأنها تواجهُ الحياةَ بمشكلاتها اللامنتهية وقلبها الغض لا يسعفها لصِغرِ سنها وقلة التجربة، تقاسي الأمرين وكم نقرأ ذلك في أحداقها لكنها تصمت بإختيار...فمالذي خلف الصمت؟؟ إن خلف هذا الإطباقِ أسبابٌ -أراها وجيهةً- تدفعها لذلك، وليس بإمكاننا طبعاً أن نجعل فارق السن بين البنت وأمها سبباً من ضمن الأسباب وهو العذر الذي تتذرعُ به الفتاة دائماً، فكثيراً ما نسمع -أمي أكبرُ مني بكثير فكيف تفهمني- والحقيقة أن فارق السن مطلوبٌ لحل المشاكل والسببُ الرئيس هو قحط العاطفة!! سيقول قائل: إن الأم فيضٌ من الحنان، سأقول: صدقت ولكنهُ الحنان المخبئ الذي لا يخرج إلا عند النوازل.

إن قحط العاطفة جعل من الأم جندياً قائماً بالأمرِ والنهي والحزمُ من صفاتهِ أيضاً، ولا ننسى أن ندرج الإستحقار للمشاكل الصغيرة في أعيننا العظيمة في عيون من يعيشها، ليأتي الإستهتار قريناً للإستحقار فالتهوين من المشكلة ومِن من تشغل ذِهنهُ تباعاً أمرٌ نقعُ فيه من حيث لا نحس.

كل هذه الأمور وغيرها كثير جعلت من الصمت سداً قائماً بين الفتاة وأمها، لكنه سدٌ غير محكمٍ وإن كان لأعيننا مشيدٌ إلا أنهُ يفيضُ بكل ما يحويهِ إلى غير إتجاههِ.

إن الفتاة اللائذة بهمومها تجدُ من الصديقة عوضاً حقيقياً عن الأم وإن كان عوضاً ينقصهُ الكثير الكثير من الحكمة والهدوء والتوجيه إلا أنهُ كافٍ للكثيرات كيف لا.. وهي تجد التفاعل والمشاركة الوجدانية والمواساة والفيض الغامر من الحب وهذا ما تطلبهُ المرأة غالباً في كل ما تواجه من مشاكل فضلا عن الفتاة.

وفي إستفتاءٍ لبعض الفتيات اللاتي سألتهن عن مدى شعورهن بالحاجة لأمهاتهن؟.. قالت الأخت أمل وهي طالبة جامعية: أشعر بحاجتي لها في بعض الأمور المهمة فقط لا التافهة، أما نوف طالبة في المرحلة المتوسطة فأجابت: أشعر بحاجة شديدة لها ويكفيني حنانها لي وإن لم تقدم شيء ما، أما أم ليان فقالت: نعم كثيرا ما أشعر بذلك وحتى بعد زواجي أصبحت أشعر بحاجة ماسة لها لأنها ذات خبرة ورأي سديد فهي أمي وصديقتي ومرشدتي، أما الأخت التي رمزت لنفسها ب م،ع متخرجة من الجامعة فتقول: لا أشعر بحاجتي لها وتصرفاتها هي ما يبعدني عنها.

إن هذا التباين في الإجابات لا يكون إلا من الأم ذاتها، فقرب الأم وتفهمها هو المقياس الأساس الذي نقيس به هذا التباين العجيب، وليس شرطاً أن تكون قريبة ومتفهمة للفتاة فكم من تصرفٍ نناقض به النفس قلل من مقدار الأم أو أسقطه عند أبنائها من حيث لا تشعر، وما ذاك إلا لأن مرحلة الفتوة مرحلةٌ دقيقة حذرة لا نعي مدى دقة أذهان ومشاعر من يمر بها.

إن درجة الفهم التي نوليها لفتياتنا درجةٌ أقل بكثير من درجة التفهم، فقد نفهم أنها تحتاج لشيء ما ولا نتفهم مدى عمق هذه الحاجة في نفسها خاصةً إذا كانت تلك الحاجة معنوية، وعن هذا طرحت السؤال... هل تقصر أمك في فهم حاجتك النفسية والعقلية وإستيعابك كفتاة؟ فجاءت الردود على النحو التالي: نوف.. نعم تفهمني وتستوعبني وأنا صامتة، أما أم ليان فقالت: لا فهي تعامل عقلي ونفسيتي حسب ما أحتاج وليس كما تريد وأشعر أنني طفلة أمام عطفها الفياض، أما أمل فتقول: نعم تتفهمني بعمق، أما الأخت م،ع: تفهم حاجتي بعمق وتتجاهل إسقاطا للمسؤولية، هكذا تشعر الأم بحاجة أبنتها ونلمس الإختلاف في التفهم والأسباب كما رأينا معلومة لدى الفتيات ولكن الصمت أبلغ، فهو وسيلة التعبير الوحيدة!!

بعد هذا الإستعراض لا نعجب من اتخاذ العوض وهي الأم الصديقة وأن تبقى الوالدة أماً صورة فقط لا تتعدى ذلك بالنسبة للفتاة، والمصيبة الحقة أن نجهل هذا العوض فلا نعرف من تكون عوضاً عنا، وهل هي أهلٌ لذلك..عن هذا سألت هل وجدتِ العوض الحقيقي؟ وفي من؟ فكانت الإجابات.

نوف:لا عوضي الحقيقي هي أمي وأبي، وأما أم ليان: لا عوض عن أمي أبداً وتبقى هي عوضي في الحياة،أما م،ع فتقول: عوضي أعز صديقاتي فهي من أقصدها دائما، وتقول أمل: لا عوض عن أمي في حياتي.

[] رؤية نفسية:

تقول الدكتورة د. نوال العبيد محاضرة بكلية التربية للبنات محاضرة: الفتيات يحببن من يشعر بهن، وينفس عن مشكلاتهن، لأنهن يعشن مرحلة معينة لها خصائصها في وقت كثرت فيه المتغيرات، وتسلط فيه الغزو الفكري بشتى صوره، فأضحى الجيل مولعاً بالتبعية، فاقداً للهوية، فارغ الروح، منهك البدن فيما يضره ولا ينفعه.

وقرب الأم من أبنتها ضروري لحفظها تقول الأستاذة نجلاء بنت إبراهيم الجريد عميدة كلية التربية سابقاً: أما إذا أهمل الطفل وتخلى عنه ذووه فإن لهذا التقصير الأثر السلبي في شخصيته وقد يؤدي ذلك إلى شعوره بالتيه والضياع من جراء فقدان المحبة والرعاية المناسبة.

بعد هذا الإستعراض هل نفتش في صدور فتياتنا لنعرف هل نحن العوض أم غيرنا؟

ومن سيكون ذاك العوض يا ترى؟ أترككم مع هذا التساؤل الذي لا يتطلب سوى لقليلٍ من الشجاعة.

الكاتب: منيرة السيف.

المصدر: موقع رسالة المرأة.